الأحد، 24 أغسطس 2025

بتكامل المقومات.. تونس تراهن على تغيير خريطة السياحة العلاجية

 

 

تونس

بتكامل المقومات.. تونس تراهن على تغيير خريطة السياحة العلاجية

على شواطئ المتوسط، تسعى تونس لتثبيت مكانتها كوجهة تجمع بين الاستجمام والعلاج، بفضل مزيج من المقومات السياحية والموقع الجغرافي وجودة الخدمات الطبية والتكاليف المنافسة.

وأكد خبراء أن البلاد تقف اليوم على أعتاب صناعة واعدة قادرة على رفد الاقتصاد بعوائد من العملة الصعبة.

انتعاش السياحة التقليدية 

أظهرت المؤشرات السياحية العامة عودة قوية، فقد استقبلت تونس نحو 4.3 مليون سائح في النصف الأول من العام الحالي بزيادة 11%، وحققت عائدات تجاوزت 3 مليارات دينار تونسي (قرابة مليار دولار). 

وعلى امتداد عام 2024، استقبلت البلاد عشرة ملايين زائر بإيرادات 6.94 مليار دينار؛ ما يعكس استعادة تدريجية لدور تونس كوجهة رئيسة على المتوسط.

رهان السياحة الطبية

لكن الرهان الأكبر يتجاوز السياحة الترفيهية، فالقطاع الطبي الاستشفائي جذب في عام 2019 نحو مليوني مريض أجنبي، بعائدات 5.3 مليار دينار، قبل أن تتراجع الأرقام بفعل الجائحة إلى 350 ألف مريض في 2022، ثم تعود للارتفاع مع توقع استقبال 600 ألف مريض بنهاية 2025.

اليوم، يقدَّر دخل السياحة الطبية بـ330 مليون دولار سنوياً، أي ما يمثل نحو 6% من الناتج المحلي، مع توقعات رسمية بأن ترتفع مساهمته لتشكّل 40% من إجمالي القطاع السياحي في السنوات المقبلة.

تصريحات تكشف نقاط القوة

لخص رئيس الجمعية التونسية للسياحة العلاجية لطفي الخليفي، ميزات بلاده بثلاث نقاط: «المهارة الطبية المتوارثة خصوصاً في الجراحة التجميلية والعظام وطب الأسنان، والموقع القريب من أوروبا مع انتشار العربية والفرنسية لتسهيل التواصل، وأخيراً التكلفة التنافسية مقارنة بالمراكز الأوروبية».

أما شهناز القيزاني، المديرة العامة للديوان الوطني للمياه المعدنية، فترى أن الأثر الاقتصادي يتجاوز العملية الطبية وحدها: «كل مريض يحرّك سلسلة قيمة تشمل السفر والفنادق والمطاعم وخدمات ما بعد العملية. إنفاقه أعلى من السائح العادي، ومدة إقامته أطول».

من جانبه، يقترح الخبير الاقتصادي ماهر قعيدة «إطلاق منصة متعددة اللغات تعرض المصحات والأسعار ومسارات الشكاوى، مع حوافز ضريبية للمعدات الطبية، وحملات تسويق بالخارج».

ويشدد على ضرورة تأسيس مرصد يقدّم بيانات ربع سنوية لجذب المستثمرين.

مقومات عالمية

تحتل تونس المرتبة الثانية عالمياً بعد فرنسا في الاستشفاء بمياه البحر، وتضم أكثر من 60 مركزاً طبياً متخصصاً و390 مركز(SPA) تقع 84% منها داخل فنادق، وتولّد وحدها قرابة 200 مليون دينار سنوياً.

 كما برزت مدن مثل سوسة، وصفاقس، وجربة كوجهات مفضلة لمرضى من المغرب العربي، وإفريقيا، وأوروبا، بفضل ما تقدمه من جراحات تجميلية، وعلاجات الأسنان والعقم، إضافة إلى مراكز إعادة التأهيل.

التحديات وخارطة الطريق

رغم هذه المقومات، يواجه القطاع تحديات واضحة، منها: ضعف التسويق الدولي، ونقص الاستثمار في تجهيزات حديثة ببعض المصحات، وتعقيدات تأشيرات المرضى الأجانب.

وللتغلب على ذلك، يوصي الخبراء بتقديم «حزم علاجية متكاملة» تشمل التشخيص والإقامة ورعاية ما بعد العملية، إلى جانب شراكات مع مراكز أوروبية، على غرار التجربة التركية.

آفاق مستقبلية

بين الأرقام المتصاعدة والتصريحات التي تعكس وعياً بالفرص والتحديات، تبدو تونس أمام لحظة حاسمة، فإما أن تتحول إلى مركز إقليمي للسياحة الطبية على غرار تركيا وشرق آسيا، أو تظل إمكاناتها رهينة ضعف الترويج والاستثمار. لكن الثابت أن مزج البحر الأبيض المتوسط بالمهارة الطبية التونسية يضع البلاد أمام فرصة ذهبية لإعادة رسم صورتها الاقتصادية عالمياً.

SHARE

Author: verified_user

0 Comments: