‏إظهار الرسائل ذات التسميات سينما. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سينما. إظهار كافة الرسائل

السبت، 4 يناير 2025

انطلاق فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان الوطني لسينما المرأة الريفية..

انطلاق فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان الوطني لسينما المرأة الريفية..

 

مهرجان الوطني لسينما المرأة الريفية
مهرجان الوطني لسينما المرأة الريفية

انطلاق فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان الوطني لسينما المرأة الريفية..

تحت شعار ‘المرأة الريفية المبدعة’، افتتحت فعاليات الدورة الخامسة من المهرجان الوطني لسينما المرأة الريفية الذي تنظمه دار الثقافة بئر مشارقة إلى غاية يوم الأحد 5 جانفي 2025 وتقام فعالياته بدار الثقافة والمركب الصحي بجبل الوسط من ولاية زغوان .

وحرضر فعاليات الافتتاح ثلة من السينمائيين ورواد دور الشباب والثقافة وطلبة الفنون المشاركين بأعمال سينمائية في الأفلام الروائية والوثائقية إلى جانب عدد من المولعين بالعمل الثقافي بالجهة.

وشهد اليوم الافتتاحي تكريم المخرجة سالمة هبي وعرض فيلمها الروائي القصير « ثنية عيشة » الحائز على جائزة أحسن فيلم قصير ضمن مسابقة الأفلام الوطنية القصيرة في الدورة 35 من أيام قرطاج السينمائية. كما تخلل السهرة الافتتاحية عرض غنائي قدمته الفنانة عفاف سالم. ويشارك ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان 6 أفلام قصيرة فضلا عن مشاركة تسعة أفلام ضمن قسم المساحات السينمائية للمهرجان.

وذكر عصام الرياحي مدير المهرجان لـ »وات » أن هذه الدورة تهدف إلى تسليط الضوء على الإنتاجات السينمائية التي تحتفي بالمرأة الريفية المبدعة وتبرز دورها في الحياة الريفية، وإلى إحياء الموروث الثقافي في الوسط الريفي عبر شاشات السينما ويتجلى ذلك من خلال الأعمال السينمائية التي ستعرض على امتداد فعاليات الدورة، مشيرا إلى أن هذه التظاهرة تشكل أيضا منصة للمواهب الشبابية الصاعدة لتقديم أعمالهم السينمائية وتنمية مهاراتهم عبر 4 ورشات تكوينية انطلقت أمس لتمكين هذه المواهب من التعرف عن قرب على عمليات إنتاج الأفلام والتحديات التي تواجه السينما الريفية.

وتضمنت أهم فقرات المهرجان تنظيم قافلة سينمائية بمنطقة عين البطرية من معتمدية الزريبة صباح اليوم تم خلالها تصوير ورشات حية للمرأة المبدعة في صناعة الفخار، وتنظيم ندوة يوم غد السبت حول  » سوسيولوجيا سينما المرأة الريفية  » إلى جانب عرض أعمال المشاركين في المسابقة الوطنية للأفلام القصيرة والأفلام خارج المسابقة الرسمية. وسيشهد الاختتام الرسمي لهذه الدورة يوم الأحد المقبل، تتويج الفائزين في المسابقة الوطنية للأفلام القصيرة والفائزين في المسابقة الوطنية للصورة الفوتوغرافية.

وتضم قائمة الأفلام المشاركة ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني لسينما المرأة الريفية الأعمال التالية :

// « بنت الجبل » لهالة البرقاوي (13.37 دق)

// « زهرة » لهويدة سالم (5.7 دق)

// « جذور الأمل » لرسلان باش حامبة (5 دق)

// « Péage-age payé  » لأنس العش (6 دق)

// « كلثوم » لوصال العبيدي ونسيم معاوي (8.30 دق)

// « TOUDERT  » لمحمود الشيحاوي (16.20 دق)

ويشارك ضمن قسم مساحات سينمائية الأعمال التالية:

// « عنا حوت » لهيثم المغيربي (31 دق)

// « الراجل متاع الماء » لهيثم المغيربي (9 دق)

// « حواء » لهالة البرقاوي (17 دق)

// انسان 1*2″ لخلود المثلوثي ( 7.51 دق)

// « كواليس » لبراءة بن تركية (7 دق)

// « فرجينيا » لهويدة سالم (7.4 دق)

// « اغتلاس » لريتاج حرابي (1.18 دق)

// « أخر قطرة » لمحمود الشيحاوي (7.58 دق)

// « LA PRINCESSE » لمحمود الشيحاوي (14.20 دق)

الأحد، 29 ديسمبر 2024

فيلم الذراري الحمر للمخرج لطفي عاشور.. ملحمة سينمائية تحيي وجع السلاطنية الكامن فينا للأبد

فيلم الذراري الحمر للمخرج لطفي عاشور.. ملحمة سينمائية تحيي وجع السلاطنية الكامن فينا للأبد

 

فيلم الذراري الحمر
فيلم الذراري الحمر

فيلم الذراري الحمر للمخرج لطفي عاشور.. ملحمة سينمائية تحيي وجع السلاطنية الكامن فينا للأبد

من رحم أوجاع لم ولن يهجرها نسيان الانسان ومن أنقاض ما تبقّى من ركام أطلال قانية رمادية، وفي سرادب خلاء تبعثرت فيه ووأدت كل الأحلام الطفولية، تتسرّب وتنتفض كاميرا المخرج التونسي لطفي عاشور وتهزّنا هزّا لتعود بنا من خلال فيلم "الذراري الحمر" إلى فصل من فصول التراجيديا الدموية الحالكة التي عشناها منذ سنوات وأثّرت في نفوسنا واستبدت بهواجسنا وسكوننا...

تجذبنا إلى ذكرى استشهاد الطفل مبروك السلطاني الذي لم يتجاوز من العمر الـ16 سنة في جبل مغيلة بولاية سيدي بوزيد سنة 2015، أمام أنظار شقيقه خليفة الذي لم يتجاوز هو ايضا الـ14 ربيعا والذي نال نفس المصير ليستشهد بذات الصورة بعد سنة ونصف فقط من الواقعة الارهابية الأولى وفي ذات المكان.

في  فيلم "الذراري الحمر" الذي عرض مؤخرا  ضمن فعاليات الدورة الخامسة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية وتوّج بالتانيت الذهبي لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة إلى جانب جائزة الجمهور للفيلم الروائي الطويل مناصفة مع الفيلم السوري "سلمى" لجود سعيد فضلا عن تتويجه بجائزة خميس الخياطي لسينما المقاومة، يصوّر لنا المخرج التونسي لطفي عاشور لوحات سينمائية شكّلت لنا زوايا العتمة التي سكنت ربوع جبال المغيلة وأعادت تسليط الضوء على قضيّة هزّت كل التونسيين هناك أين لا طفولة شفعت ولا توسّلات نفعت للنجاة من  بطش غربان وخفافيش الارهاب.وعن طريق أسلوب الترميز لما يعاني منه أطفال تلك الربوع المنسية، يسكن الهدوء الغامض بداية الفيلم ويكون ركيزة لقطته الافتتاحية الأولى التي انطلقت بأصوات الطفلين أشرف ونزار وهما يرعيان الأغنام في سفوح جبل المغيلة ويحملان في حقيبتهما صغير ماعز حديث الولادة لرعايته عوض أمه التي لم ترغب في إرضاعه، ويعاتبان الشاة العمياء "مسعودة" التي كادت ان تضل الطريق في يوم تاه فيه حظهما ونام لتجحظ عين الشرّ وتكشّر عن دمويتها الرابضة خلف الجبال.

وماهي إلّا لحظات حتّى انفجرت العاصفة... يتسارع النسق المشهدي ويتصاعد المنحى الفيلمي ليصل إلى أوج ذروته ومنبت حبكته التي تغزلها الصدمة النفسية التي رجّت كينونة المتفرّج المذهول أمام وطأة مشهد الرأس المفصول عن جسد نزار، والمذبوح على أيدي الارهابيين بدم بارد وأمام جمود تفاصيل ملامح وجه أشرف وذهوله وهو يتمعّن رأس رفيقه.  

"هزّ هذا لأُمو باش يتعلّمو يسكّروا أُفامهم"...

بهذه الكلمات الهمجية خاطبت المجموعة الارهابية التي قامت بذبح نزار الذي يجسّد شخصيته الممثل ياسين سمعوني، خاطبت قريبه الطفل أشرف ويجسّد شخصيته الممثل علي الهلالي  وأمرته بتسليم رأس ابن عمّه المفصول عن جسده وإيصال تلك الكلمات كرسالة تهديد لأهله.

يتبع التسلسل الزمني للأحداث نسقا تصاعديا تزيد الموسيقى من توتّره وحدّته لعكس البعد السوداوي الذي يغذّي المشهدية الفيلمية، وهنا تلتقط كاميرا لطفي عاشور تحرّكات الطفل أشرف وتركّز على وجهه لترسم له بورتريه يعكس ثقل الالم الذي جثم على ملامحه  وهو يحمل "رأس" رفيقه وقريبه وسط الحقيبة التي كانت منذ حين ملاذا لصغير الماعز. فيشكَّل الهول عمادًا بِنائيًا للغة الفيلم البصرية في وسط دموي وموحش لا يكاد يحتمله كيان طفل لم يتجاوز الـ14 من العمر ولا احتمله المشاهد الذي "احتمي" الشاشة.. فأيّ ذعر ذاك الذي اختلج وجدانك أيها الصغير وأيّ أسى حمله صدرك وأيّ شجاعة تملّكتك وأنت تسلك طريق العودة غير عابئ بمخاطر الألغام المزروعة تحت سكون الصخور الغادرة؟!وفي ترتيب متوازن للصور والمشاهد ووسط إيقاع سردي متصاعد، تنتقل بنا كاميرا لطفي عاشور إلى مشهد أكثر حركية يحاكي الاضطراب والانفعال الذين أصاب الطفل أشرف عند الوصول إلى قريته تحديدا لدى مشاركته "قَسرًا" لعب كرة القدم مع عدد من أصدقائه رغم الحالة النفسية التي كان عليها جرّاء صدمة مقتل ابن عمه بتلك الطريقة الوحشية وحمله لرأسه داخل الحقيبة التي تصبّغت بدمائه وهو ما أدّى إلى دخوله في نوبة من الهستيريا انتهت بدخوله في مناوشات بينه وبين رفاقه في اللعب.

رحمة وأحلام أطفال تلك الربوع المهمّسة المنسية

ثمّ تبرز شخصية رحمة في فيلم الذراري الحمر، لتكون اسما على مسمّى فهي أتت كملاذ رحيم احتمت به براءة الطفل أشرف وهي أوّل من باح اليه بالواقعة الدموية أو لنقل أنه أراد أن يمنح لروح نزار من خلال ذلك البوح الأوّل شيئا من السلام وهو الذي كان يعلم بأنها كانت تسكن قلبه.

رحمة لم تكن لتجسّد الرحمة والسكينة لنفس أشرف فقط، بل اراد المخرج من خلال شخصيتها أن يعكس ويحسّس بما ينمو في تلك الربوع المنسية والمهمّشة من أمل طفولي ناضج في النجاة من ظلم وقسوة الجغرافيا عبر التشبّث بفنار مواصلة الدراسة من أجل الانعتاق وتحقيق حلم منشود رغم كل العراقيل والصعوبات.

يعيد الينا الفيلم صورا لن تمحى من مخيّلتنا، لعلّ أبرزها صورة رأس الشهيد مبروك السلطاني وسط الثلاجة البيضاء يكفّنه الكيس البلاستيكي الأسود وهي صورة شاهدها كل التونسيين وحبّرت أسطرا من سواد بصمه ضلاميو الشرّ والنار..

" ولدي خرج من كرشي كامل يتدفن كامل"...

دون أن ننسى صور والدة الشهيد التي جسّدتها الممثلة القديرة لطيفة القفصي وجسّدت من خلال هذا الدور صمود وصلابة ام الشهيد التي أبت دفن رأس ولدها قائلة "ولدي خرج من كرشي كامل يتدفن كامل..." فكانت في الفيلم كصورة تلك الشجرة الشاهقة المتجذّرة أمام المنزل الاسفلتي بأخضرها الحيّ الذي يكسوها ويزيّنها كأيقونة تحارب وحشا سكن صحراءَ ابتلعها ظلام الغدر.

وعن طريق تقنية "الفلاش باك" وعبر لغة بصرية مميّزة، يرسم المخرج في ذاكرة الطفل أشرف ممرات زمنية تعيده الى عالم الماضي ويعود على اثرها الى عالم الحاضر مراوحا فيها بين الواقع والخيال، فتراه يستعيد صورا تجمعه مع رفيقه نزار تنسيه ألما أصابهما وتذكّره بقهقهاتهما وغنائهما " عصفور عصفور حميري.. يا الحميري وين ترفرف" ودُعاباتهما الطفولية وأحلامهما البسيطة كبساطة كل الحكايات التي جمعتهما وعانقت عوالمهما المكسورة.

وقد حرص مخرج الذراري الحمر على تشكيل صور مقرّبة لوجهي نزار وأشرف بكل ما حمله الوجهان من تفاعل عاطفي وسمات متقاربة يغذّيها مزيج من سذاجة طفولية وشيء من فرح وابتسامات سرعان ما انقلبت صفحاتها الى هلع وصدمة وألم ووجوم أعين، حتّى التحمت صور الوجهين في أحد المشاهد وتماهت لتصبح صورة واحدة بل لكأنّها تعاصرت في جسد واحد .. جسد ذاق نفس المصير والمنتهى القاتم.