الهيدروجين الأخضر |
الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى أوروبا: أمل جديد لاقتصاد تونس
مقدمة
تتميز تونس بموقع استراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط، مما يجعلها قريبة من الأسواق الأوروبية الكبيرة والمستهلكة للطاقة وهذا الموقع الجغرافي الفريد، إلى جانب وفرة موارد الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، يمنح تونس فرصة ذهبية لتصبح مركزًا رئيسيًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره ويعد هذا التحول نحو الهيدروجين الأخضر أملًا جديدًا لاقتصاد تونس، ليس فقط لتحفيز النمو الاقتصادي، ولكن أيضًا لتحقيق الاستدامة البيئية والمساهمة في مكافحة التغير المناخي.
ما هو الهيدروجين الأخضر؟
الهيدروجين الأخضر هو هيدروجين يتم إنتاجه من خلال عملية تحليل الماء (الإلكتروليز) باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر طاقة متجددة مثل الشمس أو الرياح على عكس الهيدروجين التقليدي، الذي يتم إنتاجه باستخدام الوقود الأحفوري وينتج عنه انبعاثات كربونية، فإن الهيدروجين الأخضر يعتبر طاقة نظيفة خالية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
الخطوات التونسية نحو الهيدروجين الأخضر
في عام 2022، أطلقت تونس خطة طموحة لتطوير استراتيجيتها الوطنية للهيدروجين الأخضر وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحويل تونس إلى منتج ومصدر رئيسي للهيدروجين الأخضر، مع الالتزام باستكمالها بحلول عام 2024 ويعتبر هذا الجهد جزءًا من رؤية أوسع لتعزيز استخدام الطاقات المتجددة وتطوير الاقتصاد الأخضر في البلاد.
الشراكات الدولية
في خطوة مهمة نحو تحقيق هذه الأهداف، وقعت تونس مؤخرًا مذكرة تفاهم مع كل من "توتال إنرجي" الفرنسية و"فربوند" النمساوية. يهدف هذا التعاون إلى تنفيذ مشروع ضخم لإنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس وتصديره إلى أوروبا عبر الأنابيب ويعد هذا المشروع مثالًا على التعاون الدولي في مجال الطاقة المتجددة، ويعزز مكانة تونس كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية.
تفاصيل المشروع
يهدف المشروع في مرحلته الأولى إلى إنتاج 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، باستخدام حوالي 5 آلاف ميغاواط من الطاقة المتجددة، و2000 ميغاواط من تقنية التحليل الكهربائي (الإلكتروليز) وهذه الأرقام الكبيرة تعكس الطموحات التونسية في هذا المجال، وتضع البلاد على طريق تحقيق استقلالية طاقية مستدامة.
الإمكانيات التونسية
يؤكد الخبراء أن تونس تمتلك كافة الإمكانيات اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر فهي غنية بمصادر المياه والطاقة الشمسية والرياح، مما يجعلها مثالية لتطوير هذا النوع من الطاقة النظيفة. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الموقع الجغرافي القريب من أوروبا ميزة استراتيجية تمكن تونس من تصدير الهيدروجين الأخضر بكفاءة عالية إلى الأسواق الأوروبية التي تتزايد حاجتها لمصادر الطاقة النظيفة.
الطلب الأوروبي على الهيدروجين الأخضر
من المتوقع أن تصل حاجيات أوروبا من الهيدروجين الأخضر إلى 10 ملايين طن بحلول عام 2030 وقد فتحت القارة الأوروبية بالفعل أسواقها لتوريد الهيدروجين من دول مثل شيلي وأستراليا هنا، تأتي فرصة تونس لتلبية 10% من هذا الطلب، مما يمكنها من تحقيق عائدات مالية هامة تتراوح بين 5 و6 مليارات يورو سنويًا، إذا تمكنت من تصدير مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2050.
التحديات المناخية والبيئية
تعمل تونس على إنتاج الطاقات البديلة كخيار استراتيجي في ظل التحديات المناخية الراهنة ويتجه العالم نحو الطاقات النظيفة لمواجهة التغير المناخي وتقليل انبعاثات الكربون وفي هذا السياق، تلعب تونس دورًا محوريًا من خلال تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، مما يساعد في تحقيق أهدافها البيئية والمساهمة في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
من المتوقع أن يوفر مشروع الهيدروجين الأخضر حوالي 430 ألف فرصة عمل بحلول 2050، مما يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تونس وهذه الفرص الجديدة تساهم في تحسين مستوى المعيشة وتقديم فرص عمل للشباب والمهنيين في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء. بالإضافة إلى ذلك، يعزز المشروع القدرة التنافسية لتونس على الساحة الدولية، ويجذب استثمارات جديدة إلى البلاد.
المناخ المثالي لإنتاج الطاقة
تتمتع تونس بمناخ معتدل إلى حار، وتقدر ساعات سطوع الشمس بالآلاف على مدار العام، مما يجعلها واحدة من أفضل الأماكن في العالم لإنتاج الطاقة الشمسية وهذه الظروف المثالية تُمكّن تونس من تلبية احتياجاتها الخاصة من الطاقة المتجددة وتصدير الفائض إلى أوروبا، مما يعزز اقتصادها ويضعها في طليعة الدول المنتجة للطاقة النظيفة.
الخاتمة
يمثل مشروع الهيدروجين الأخضر أملًا جديدًا لاقتصاد تونس، حيث يفتح آفاقًا واسعة للتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي ومن خلال استغلال مواردها الطبيعية الفريدة وشراكاتها الدولية الاستراتيجية، تستطيع تونس أن تصبح مركزًا عالميًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، مما يسهم في تعزيز اقتصادها وتحقيق أهدافها البيئية ويعد هذا المشروع خطوة هامة نحو مستقبل أكثر استدامة ونظافة للطاقة في تونس والعالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق